كيف يُغير الذكاء الاصطناعي لوجستيات توصيل الميل الأخير؟
الذكاء الاصطناعي ومستقبل لوجستيات الميل الأخير
يُعد الذكاء الاصطناعي المؤثر الأول بمجالات عديدة في جميع أنحاء العالم، ولا سيما في الخدمات اللوجستية بما فيها تسليم الميل الأخير، حيث غيّر مجرى العديد من العمليات التقليدية مثل أتمتة وتبسيط العمليات وتعزيز خدمة العملاء وتحسين المسار.
وهذه البداية وحسب، لأنه كلما تبنت المزيد من الشركات استخدام المركبات والطائرات المُسيرة وروبوتات التوصيل الذكية في توصيل الميل الأخير، ازدادت أهمية الذكاء الاصطناعي في تمكّين هذه التقنيات للعمل بأمان وكفاءة.
سنتعرف في هذه المقالة على الحلول التي يوفّرها الذكاء الاصطناعي واتجاهات تسليم الميل الأخير في المستقبل.
كيفية تأثير الذكاء الاصطناعي على الخدمات اللوجستية
أصبحت الساعات الطويلة التي يقضيها الموظفون في دراسة الخرائط والتأكد من تحديثات حركة المرور وحالة الطقس من الماضي. وهذا بفضل قدرة الذكاء الاصطناعي على تحليل كميات هائلة من البيانات بشكل فوري، مما ساعد المدراء في التغلب على تحديات الخدمات اللوجستية في توصيل الميل الأخير، بما فيها:
1. تحسين المسار
يعتبر الوقت من أهم العوامل لضمان كفاءة تسليم الميل الأخير، وتعمل خوارزميات الذكاء الاصطناعي على تقليل وقت عمليات التوصيل من خلال تحسين المسار، وذلك عن طريق الأخذ بعين الاعتبار العوامل العديدة التي تؤثر في مواعيد التسليم مثل ظروف حركة المرور والموقع والفترة اللازمة للوصول.
2. التحليلات التنبؤية
تساعد التحليلات المدعومة بالذكاء الاصطناعي في التنبؤ برغبات العملاء ومعرفة تفضيلاتهم وسلوكياتهم، مما يتيح لشركات التوصيل توقع فترات ازدياد الطلبات، وهذا ما يُمكّنهم من تخصيص الموارد بشكل أفضل والحفاظ على مستويات المخزون من المنتجات وضمان التوصيل في الوقت المحدد، خاصةً خلال فترات الذروة التي تكثر فيها الطلبات.
3. أتمتة عملية توصيل الميل الأخير
تختبر بعض الشركات استخدام المركبات والطائرات المُسيرة والروبوتات في توصيل الميل الأخير. ووفقاً لتقرير شركة McKinsey فإن المركبات ذاتية القيادة ستكون على الطرق السريعة في أوروبا وأمريكا الشمالية بحلول عام 2025، أي بعد عامين فقط من الآن! وفي الوقت نفسه، تختبر شركات مثل Amazon وGoogle وDHL الطائرات المُسيرة في العمليات اللوجستية.
كما يجري العمل على تطوير روبوتات ذكية قادرة على التفاعل المباشر مع العملاء والتنقل في بيئات مثل المباني السكنية والمكاتب، وذلك بهدف إيصال الطلبات إلى الأفراد أو المواقع. حيث تتمتع هذه التقنيات الرائدة بإمكانية تقليل تكاليف العمالة وزيادة سرعة التوصيل، خاصة في المناطق الحضرية.
4. تجربة العملاء
تعمل الدردشات الآلية والمساعدون الافتراضيون المدعومون بالذكاء الاصطناعي على تحسين تجربة العملاء من خلال توفير التحديثات آنياً والإجابة على مختلف الاستفسارات وتقديم خيارات تخصيص لعملية التوصيل، مما يعزز رضا العملاء وولاءهم.
5. تتبع الطرود
أنظمة التتبع المعتمدة على الذكاء الاصطناعي توفر للعملاء معلومات دقيقة بالوقت الفعلي حول موقع الطرد والوقت المتوقع لوصوله، مما يقلل الحيرة ويحسن التجربة ككل.
توصيل الميل الأخير في المستقبل
بالطبع لا يمكن لأحد التنبؤ بالمستقبل بشكل دقيق، فيمكن للكوارث البيئية والأوبئة والحروب أن تؤثر بشكل كبير على سلاسل التوريد.
بالرغم من ذلك، إذا افترضنا أن العالم سيسير وفق أنماطٍ متوقعة، يُمكن أن تستمر تقنيات الذكاء الاصطناعي التالية بل وتنتشر بشكل أوسع أيضاً:
1. الأتمتة
الأمر مسألة وقت فقط ريثما تصيغ الحكومات في جميع أنحاء العالم أُطراً تنظيمية تُتيح لتقنيات الذكاء الاصطناعي السير في الشوارع والتحليق في السماء، نذكر منها على سبيل المثال المركبات ذاتية القيادة وروبوتات التوصيل الذكية والطائرات بدون طيار. عندما يحدث هذا، سيتغير مجال تسليم الميل الأخير إلى الأبد.
2. التخصيص
سيُحسن الذكاء الاصطناعي من التخصيص بشكل ملحوظ، فستعمل الخوارزميات على تحليل بيانات العملاء لتصميم خيارات توصيل ملائمة تشمل أوقات وأماكن التوصيل والتفضيلات الشخصية للمستلم، مما يُحسّن من تجربة العميل.
3. الاستدامة
يمكن أن يساعد تحسين السُبل وتخصيص المركبات بالذكاء الاصطناعي في تقليل البصمة الكربونية لتسليم الميل الأخير عبر خفض استهلاك الوقود والانبعاثات الكربونية الناتجة عنه. من المرجح أن تؤكد الشركات على الممارسات الصديقة للبيئة استجابةً للمخاوف البيئية المتزايدة.
4. شبكات التوصيل
سيلعب الذكاء الاصطناعي دوراً أساسياً في إنشاء شبكات توصيل أكثر مرونةً وقدرةً على التكيف. قد تعتمد الشركات خوارزميات ذكاء اصطناعي ديناميكية لتخصيص عمليات التسليم لمجموعة من السائقين البشريين والمركبات ذاتية القيادة أو الطائرات بدون طيار، وذلك لتعزيز الكفاءة وتقليل التكاليف.
5. تعزيز الأمن
سيعمل الذكاء الاصطناعي على تحسين الأمان في توصيل الميل الأخير من خلال ميزات مثل التعرّف على الوجه والمصادقة البيومترية وأنظمة المراقبة التي تعمل بالذكاء الاصطناعي. وسيساعد هذا في منع السرقات وضمان سلامة الطرود وموظفي التوصيل على حدّ سواء.
مشاكل الذكاء الاصطناعي
تواجه الشركات الراغبة في دمج الذكاء الاصطناعي بعمليات تسليم الميل الأخير العديد من التحديات، نذكر بعضها:
- استثمارات أولية كبيرة
- مشكلات في خصوصية البيانات
- ضمان الأمن السيبراني
بالإضافة إلى ذلك، لا أحد يريد حصول موقف لا يمكن ضبطه كتحليق مئات الطائرات بدون طيار في سماء المنطقة وتصادمها ببعضها، أو سد المركبات ذاتية القيادة للشوارع أو سير روبوتات التوصيل بشكل عشوائي في المناطق الحضرية، فهذا الأمر كابوس لأي شخص، خصوصاً لمدراء الخدمات اللوجستية.
إلى جانب صياغة الحكومات للأطر التنظيمية وتنفيذها، سيحتاج المجال نفسه إلى التغلب على التحديات التنظيمية وضمان تطبيق استخدامات الذكاء الاصطناعي بشكل مسؤول.
على الرغم من هذه التحديات، هناك شيء واحد مؤكد: بفضل الذكاء الاصطناعي، ستكون الخدمات اللوجستية لتوصيل الميل الأخير مختلفة بشكل كبير مستقبلاً عمّا هي عليه اليوم.