تطور خدمة توصيل الطرود ومستقبلها بعد جائحة كورونا
خدمات التوصيل بحد ذاتها ليست بالشيء الجديد. قدَّم مزودو الخدمات اللوجستية خدماتهم لأصحاب العلامات التجارية منذ سنوات عديدة وضمنوا تسليم المشتريات بكفاءة عالية وسرعة إلى المشترين، وبذلك يدعمون تجربة العملاء.
أدّى تضخّم التجارة الإلكترونية إلى تسارع نمو خدمات التوصيل، ولهذا نشأت نماذج جديدة من مقدّمي هذه الخدمات ومعها موجة من شركات حديثة النشوء تقدّم حلولاً لوجستية مخصصة لتجّار التجزئة وعملائهم.
ومع جائحة فايروس كورونا في 2020، حدث تغيُّر جذري في عالم البيع بالتجزئة والتجارة بشكل عام بسبب إجبار الناس على الالتزام بالتباعد الاجتماعي واتّخاذ إجراءات احتياطيّة أخرى لمنع الانتشار الجائح للفايروس.
وباستمرار تأثيرات هذه الجائحة، ارتفعت أهميّة خدمات التوصيل إلى حدٍّ غير مسبوق في أعين عامة الناس، وأصبح مقدّمو الخدماتِ اللوجستية يبتكرون وسائلاً جديدةً للاستجابة لاحتياجات الزبائن المتغيّرة وتطلّعاتهم، حيث أعيد تخيّل المشهد اللوجستي للتوصيل المباشر (الميل الأخير) بوتيرة خياليّة السرعة، وبذلك وضعت اتجاهات جديدة لمستقبل الخدمات اللوجستية بعد جائحة فايروس كورونا.
لكن كيف سيؤثّر هذا المستقبل على مقدّمي خدمات التوصيل وزبائنهم؟
هذا ما سنركز عليه في نهاية هذا المقال بعد أن نتوسّع بالشرح عن تطوّر خدمات التوصيل وتبنّيها للرقمنة وتكيّفها للحد من انتشار فايروس كورونا.
خدمات التوصيل قبل التجارة الإلكترونية
منذ أن بدأت الشركات التي تستخدم عربات الأحصنة بالتنافس مع الخدمات البريديّة في القرن التاسع عشر، نشأ رابط أساسيٌّ بين الشركات التي تبيع البضائع والعملاء الذين يشترونها.
بالرغم من كل ذلك، اقتصر التوصيل في نظر العملاء على العناصر كبيرة الحجم التي لا يمكنهم حملها بسهولة من المتجر، بينما اعتمدت مجموعةٌ أخرى على البريد لتوصيل طلباتهم، وهي طريقة تسوقٍ مرهِقةٌ نسبياً إذا قورنت بالتسوق الرقمي المنتشر في يومنا هذا، ومن المؤكد أنه لم ولن يكون استخدام البريد مريحاً كالتوجّه إلى الطريق العام لملئ بعض الحقائب ثم العودة إلى المنزل.
بدأت الأمور تتغير بشكل جدّي في السنوات الأولى من هذا القرن، حيث زادت الثقة بالإنترنت وبدأت الشركات بعرض منتجاتها على الإنترنت.
خدمات التوصيل وكونها نقطة الوصل المباشر بين الزبون والبائع
أصبح التسوق أو حتى الشراء بهدف الأعمال التجارية عبر القنوات الرقمية نشاطاً يومياً في غضون بضع سنوات من ظهور الإنترنت كما نعرفه الآن.
عندما بدأ العالم تبّني راحة التسوق من المنزل، أصبح نمو التجارة الإلكترونية أمراً بديهياً، مما أدى إلى زيادة الطلب على الحلول اللوجستية التي تتناسب مع البائعين عبر الإنترنت وزبائنهم.
يمكن أن تكون لوجستيات التجارة الإلكترونية معقّدة، خاصةً بالنسبة للشركات التي تتّبع استراتيجية تشمل جميع منصّاتها كالتجارة الإلكترونية وتجارة التجزئة التقليدية سوياً، ومع قدرة محلّات وشركات البيع بالتجزئة على استخدام التجارة الإلكترونية بسهولة، خُلقت فجوة كبيرة في سوق التجارة الإلكترونية فيما يخص خدمة توصيل الميل الأخير. يعالج المتخصصون أيضاً مشكلة أخرى ناشئة عن نمو التجارة الإلكترونية، وهي توقعات العملاء.
يجب على تجار التجارة الإلكترونية توفير خدمة التوصيل السريع لكي يتناسب التسوق عبر الإنترنت مع فورية البيع بالتجزئة التقليدية في المتاجر، ففي العديد من الأسواق يتوقّع العملاء التسليم في يوم الشراء نفسه.
لمواجهة هذه التحديات، بدأ مقدّمو خدمات التوصيل باستغلال التطورات التكنولوجية الرقمية، حتى أنَّ بعض شركات الخدمات اللوجستية الجديدة أقامت نموذج أعمالها بالكامل على الأدوات الرقمية لتمكين السرعة والاستجابة والتكامل السلس مع بيئة المبيعات عبر الإنترنت.
ما حدث بعد جائحة فايروس كورونا
بحلول وقتٍ أدرك العالم فيه حجم الكارثة المحتملة التي أحضرها فايروس كورونا COIVD-19 كانت خدمات التوصيل في انتشارٍ دَعمَ انتشار ظاهرة التجارة الإلكترونية.
وفجأةً بدأت الدول واحدة تلو الأخرى تطبيق الإجراءات الاحترازية لمنع العدوى بعد الانتشار العالمي للجائحة، وتغيّر كل شيء..
تحولت التجارة الإلكترونية بين عشيّة وضحاها إلى البديل الأهم والحل الأول للناس في الحصول على المنتجات التي يريدونها بدلاً من التجارة التقليدية، والسبب الرئيسي لذلك هو غياب الاتصال الشخصي بين البائع والشاري في عمليّة الشراء عبر الإنترنت، مما جعل خدمة التوصيل شريان الحياة الأساسي الذي يمكن للشركات والمستهلكين الاعتماد عليه.
أساس هذا التحول
مع تضخّم التجارة الإلكترونية الناتج عن الوباء، وجدت العديد من شركات التوصيل نفسها تكافح من أجل مواكبة التدفق غير المسبوق للطلبات بالإضافة إلى تعرّضها للضغوط لتغيير ممارسات التوصيل باسم السلامة والصحة.
كان هذا المحفز الأكبر على التغيير لمزودي الخدمات اللوجستية فيما يتعلّق بخدمة توصيل الميل الأخير في السنوات الأخيرة، وكانت آثاره بعيدة المدى وعميقة، حيث بذل مقدّمو الخدمة جهداً إضافياً لتقديم الخدمات التي تحمي صحة الموظفين والعملاء دون فقدان السرعة والاستجابة والراحة.
التكيّف مع تحديات التوصيل أثناء الجائحة
لم يكن هناك أي حاجة لاختبار ديناميكيات التوصيل في التجارة الإلكترونية خلال أي أزمة حدثت قبل عام 2020، وهذا ما دفع مقدّمي الخدمات إلى التكيّف بسرعة، ونتيجة لذلك كان اعتماد التدابير المؤقتة متسارعاً وواسع النطاق، وأعطى ذلك أفضليّة ساحقة للشركات التي كانت تعتمد على التجارة الإلكترونية في الأساس.
شركاتٍ مثل Shipa Deliver كانت متخصصة في ذلك المجال منذ سنوات ولاتزال إحدى الشركات الرائدة فيه والتي تعمل على التطوير.. استغلّت هذه الشركات خبرتها في تطوير حلولٍ تقلل من الحاجة للاتصال المباشر مع العميل في عمليّة التوصيل وخصوصاً من جهة العميل.
وبالطبع لا تستطيع التكنولوجيا حل جميع المشكلات الناشئة عن مخاوف الصحة العامة، فيجب أن ينتبه مقدمو الخدمات اللوجستية إلى الخطوات التي ينطوي عليها التسليم في الميل الأخير على أرض الواقع أيضاً، علاوة على ذلك، لم تقتصر التدابير والتكيّفات الجديدة على حل مخاوف الصحة والسلامة، حيث كان على شركات التوصيل أيضاً أن تتصرف بسرعة لاستيعاب الزيادة الكبيرة في أحجام الطلبات عبر الإنترنت التي واجهها بائعو التجزئة الإلكترونيين.
عاصفة المبيعات الإلكترونية
لم تكن الأعداد المتزايدة للمبيعات عبر الإنترنت سبب إرهاق مزودي خدمة التوصيل، بل عدم وجود ممهدات لها.
شركات الخدمات اللوجستية بارعة في التعامل مع أقصى الحجوم من الطلبات، بالرغم من ذلك، إنهم يعلمون متى يحدث تدفّق الطلبات عادةً، حيث ترتبط معظم الزيادات في حجمها بالأحداث الموسمية التي تحدث سنوياً، أي في أوقاتٍ معروفة من العام.
لم يتوقع أحد الوباء، حيث تفاجئ تجار التجزئة التقليديين والتجار على الإنترنت على حدٍ سواء مع شركائهم من شركات اللوجستيات.
ضرورة الرقمنة والتحسين
غالباً ما كانت استجابات المؤسسات اللوجستية تتوقف على تطورها التكنولوجي، عززت بعض الشركات ذات الحلول البدائية تلك الحلول ببرنامج تحسين المسار الديناميكي لزيادة عدد عمليات التسليم التي يمكن أن تستوعبها أساطيلها.
سعى آخرون إلى زيادة دقة التسليم والإنتاجية من خلال تنفيذ مسح الباركود وغيره من أدوات التتبع والتعقب الرقمية.
أمّا الشركات التي كان لديها حلول آلية ورقمية وفيرة، لم يكن عليها فعل الكثير، لجأ معظمها إلى زيادة معدل التوظيف بشكل كبير وشراء المزيد من المركبات لإدارة الزيادة في عمليات التوصيل.
بغض النظر عن البراعة التكنولوجية، شعر جميع مقدمي خدمات التوصيل في المرحلة الأخيرة بأنهم ملزمون بتحسين العمليات بما يناسب للحصول على أعلى كفاءة، فكانت هذه خطوة أساسية لمجابهة التضخم مع مراعاة توقعات الزبائن لما تقدمه الخدمة من وعود لهم.
لكن لم ينجح الجميع، حتى شركة Amazon العملاقة للبيع بالتجزئة والخدمات اللوجستية اضطرت إلى اللجوء إلى سياسة الفرز بإعطاء الأولويّة للسلع الهامّة وتعليق عمليات التسليم غير الضرورية في بعض المناطق الجغرافية.
تلبية التزامات صحّة وسلامة غير مسبوقة
شكّلت أزمة فايروس كورونا موضوعاً ساخراً بالنسبة لشركات الخدمات اللوجستية التي تقدّم خدمات توصيل الميل الأخير، ففي الأوقات العادية كان الاتصال المباشر بين عامل التوصيل والعميل موجزاً، لكن ضروري، مما أدى إلى حاجتها لبذل مجهودٍ إداريٍ كبيرٍ في محاولة لتركيز السائقين على دورهم كسفراء للعميل.
بمجرد بدء الحكومات بتطبيق سياسات التباعد الاجتماعي، تحول التركيز إلى البحث عن طرقٍ لتقليل التفاعل وجهاً لوجه بين السائقين والعملاء، وأدّى هذا إلى ابتكاراتٍ كثيرة كانت نقطة تحوّلٍ في مجال خدمات التوصيل.
واتّخذت التعديلات التي تم إجراؤها في هذا المجال شكلين: الممارسات على أرض الواقع والتحسينات التكنولوجية.
التغييرات على أرض الواقع
مثل جميع قطاعات المجتمع والأعمال، وجد مقدمو خدمات التوصيل أنه من الضروري إدخال ممارسات تدعم التباعد الاجتماعي وتدابير السلامة الأخرى المتعلقة بفيروس كورونا، سننظر إلى بعض التغييرات التي نفذتها هذه الشركات على أرض الواقع بدراسة العملية بدءاً من نقطة التسليم:
قلّصت الشركات العاملة في مجال تسليم المواد الكبيرة أو الثقيلة من توصيل البضائع إلى داخل مباني العملاء، حيث كانوا يقومون بترك الطرود على عتبة الباب أو على الرصيف خارج المبنى بدلاً من ذلك.
بدلاً من تسليم الطرد مباشرةً إلى العميل عند نقطة التسليم، يقوم السائق بوضعه على الأرض والابتعاد عن عتبة الباب وإعلام المستلم بأن التسليم قد تم.
أصرّت بعض الشركات على أن يقوم السائق بدلاً من العميل بالتوقيع على المستند في الحالات التي يكون فيها إثبات التسليم اليدوي (الورقي) لا يزال جزءاً هاماً من العملية، أدى ذلك إلى تجنّب حاجة السائقين والعملاء إلى التواجد داخل دائرة نصف قطرها مترين من بعضهم البعض وتمرير الأوراق من يد إلى أخرى، وقررت بعض الشركات مثل FedEx عدم مطالبة العملاء بإثبات تسليم موقَّع على الإطلاق.
أصبح ارتداء معدات الحماية الشخصية الإضافية (PPE) وخاصة أقنعة الوجه إلزامياً في الكثير من البلدان، وحتى في البلدان التي لم تطبّق ذلك أصرّت معظم شركات التوصيل على أن يرتدي موظفوها أقنعة من أجل سلامة العملاء وثقتهم.
بالنسبة للطرود، يتم تطهريها للقضاء على خطر أيّ تلوث فيروسي قبل تسليم الطرود أو حتى قبل مغادرتها مستودعات شركة التوصيل، على سبيل المثال، تحمي شركة Shipa Delivery جميع طرود عملائها عن طريق تغليفها بعبوات بلاستيكية تحمل علامتها التجارية، ممّا يجعل سطحها الأملس سهل المسح قبل الإرسال وقبل أن يتركها السائق للمستلم مرّة أخرى.
عادة ما يتم تطهير مركبات التوصيل وأي معدات مستخدمة للنقل في بداية ونهاية كل نوبة لتقليل مخاطر انتقال فيروس كورونا.
التغييرات الإداريّة والتقدّم التكنولوجي
لم تعجب العديد من التغييرات في العملية الموصوفة أعلاه متلقي الطرود، فعلى سبيل المثال، هناك مخاوف متزايدة من سرقة الطرود من البوابات والشرفات في البلدان التي ترتفع فيها معدلات الجريمة، ومع عدم وجود أوراق موقّعة تدل على إتمام التسليم، فإن خطر النزاعات بين البائعين وعملائهم يمثّل مصدراً للقلق أيضاً.
لأسباب مثل هذه، زاد مقدمو الخدمات الذين يتطلعون إلى مستقبل مزدهرٍ في إدارة التسليم ولجؤوا إلى الحلول التكنولوجية لتحقيق الكفاءة وتحسين مستوى الأمان باستخدام عمليات تسليم طرودٍ ودفعٍ إلكترونية.
أدرك البعض الحاجة إلى فحص عملائهم لتحديد الفئة التي يندرج تحتها العميل، على سبيل المثال، فئة "معرّض للخطر" أو "يقوم بعزل ذاته" لتحديد فيما إذا كانت عملية التوصيل تتطلّب احتياطات إضافية، اتخذ الكثيرون خطوات لتحسين دقّة أوقات التسليم المقدّرة وزيادة الإشعارات الإلكترونية لإعلام المستلمين بحالة طلبهم.
رقمنة نقطة التسليم
كانت التكنولوجيا الرقمية أقوى لاعبٍ في العملية من ناحية التسليم، فكان العديد من مقدمي خدمات التوصيل يستخدمون "برامج نقطة التسليم الإلكترونية" (EPOD) على الأجهزة المحمولة أساساً عندما انتشر الوباء وكانت أزمة فيروس كورونا حافزاً لتوسيع نطاق توظيف هذه الأنظمة ولدعم ما أصبح يُعرف حديثاً بالتوصيل بدون تلامس.
تحرّكت Shipa Delivery وغيرها من مقدّمي الخدمات اللوجستية الرقمية الأوائل بسرعة لتكييف حلول (EPOD) في مكافحة مخاطر الانتقال الفيروسي، حيث أضافوا وظائف لتقليل أو منع الاتصال الشخصي بين موظفي التوصيل والعملاء.
تشمل التدابير الإلكترونية التي تسهّل التسليم بدون تلامس ما يلي:
إشعارات الرسائل النصّية لإعلام العميل بحالة التسليم وتتبع الطرد على التطبيق.
إثبات التسليم إلكترونياً باستخدام رابط ويب يتم إرساله إلى الجهاز المحمول لمستلم الطرد، يمكن للمستلم النقر على هذا الرابط وتأكيد الاستلام.
إثبات التسليم عبر رمز مميِّز يتم إرساله إلى جهاز المستلم المحمول، يمكن للمستلم أن ينقل الرمز إلى سائق التوصيل عن طريق رسالة نصيّة، يقوم السائق بعد ذلك بإدخال الرمز في تطبيق الشركة للتسليم على جهاز نقطة التوصيل المتنقل (POD) أو عبر الهاتف المحمول.
تأكيد التسليم المصور (يقوم سائق التوصيل بتصوير الطرد الذي تم تسليمه على مدخل أو شرفة المستلم).
تُمكّن جميع الحلول المذكورة أعلاه مقدمي الخدمة من تنفيذ عمليات التسليم دون اضطرار العملاء للخروج من منازلهم أو مكاتبهم، يمكنهم ببساطة أخذ الطرود التي تم توصيلها بعد مغادرة مركبة التوصيل، مما يقلل من مخاطر انتقال الفيروس عند نقطة التسليم.
كيف تغيّر تدابير مكافحة فيروس كورونا COVID-19 مستقبل لوجستيات التجارة الإلكترونية
إلى جانب التغييرات في العملية ومبادرات الرقمنة التي سبق ذكرها، هناك تغييرات أخرى جارية في قطاع خدمات التوصيل.
كانت العديد من هذه الحلول نقطة تحوّلٍ حتميّة حتى من قبلِ انتشار الوباء، لكنها تسارعت بشكل كبير منذ أن بدأ فيروس كورونا COVID-19 بالتأثير على مجال البيع بالتجزئة والخدمات اللوجستية.
أدّى الوباء إلى تطوير أسرع لحلول التوصيل المؤتمتة، بما في ذلك روبوتات التوصيل الذاتيّة والطائرات بدون طيار، لقد سارع البعض بتركيب خزانات التوصيل العام في المدن، بل إنه أدّى إلى تطبيق طرائقٍ لفتح الطرود دون الحاجة إلى لمسها.
تطوّرت طرائق إثبات التسليم والدفع بدون تلامس بسرعة وأصبحت القاعدة العامة في خدمات توصيل الميل الأخير.
في حين كان COVID-19 على الأغلب حافزاً هائلاً للتغيير في إدارة خدمة التوصيل وتنفيذها، من غير المتوقّع أن نرى عودةً إلى طرق الماضي، فأدّى الوباء إلى تحولات تمكّن مقدمي الخدمات أن يكونوا أكثر استجابة وكفاءة وزاد من قدرة عملائهم على التحكّم بالعملية.
تكافل التجارة الإلكترونية وخدمات التسليم
قطعت حلول تسليم الطرود شوطاً طويلاً في ظل الوباء، ولكن ليس وحدها، حيث شهد نمو المجال بشكل كامل تقدماً.. ترتبط ثروات قطّاع الخدمات اللوجستية للميل الأخير ارتباطاً وثيقاً بالتجارة الإلكترونية، والتي أصبحت منتشرة في كل فئة من مبيعات التجزئة (B2C) ومبيعات من شركة لشركة (B2B) تقريباً، وفي الواقع، لن تكون التجارة الإلكترونية موجودة بدون خدمات التوصيل.
من خلال إجبار الناس على ممارسة التباعد الاجتماعي والبقاء في المنزل، كان لفيروس كورونا أثراً في تحويل أكثر الشركات تحفظاً فيما يتعلّق بالتكنولوجيا إلى عالم البيع بالتجزئة الرقمي على الإنترنت.
بحلول الوقت الذي تنتهي فيه الأزمة، قد يؤدي تقارب المستهلكين مع التجارة الإلكترونية إلى تقليل الرغبة في الخروج والتسوق على الأرض بحثاً عن أي شيء، تتعرّض تجارة التجزئة التقليدية لخطر أن تصبح ملاذاً احتياطياً جديداً لأيام يبدو فيها استنشاق الهواء والقليل من التمرين الرياضي سبباً جيداً للذهاب مشياً إلى الشارع أو المراكز التجارية، وبالتالي فإن النمو المستمر في التجارة الإلكترونية وخدمات التوصيل التي تدعمها يبدو مضموناً.
عدم وجود حصانة لمقدّمي خدمات التجارة الإلكترونية والتوصيل
لقد تغلغلت التجارة الإلكترونية بالمشاركة مع خدمات التوصيل في قطاعات جديدة من تجارة التجزئة، وتبقى الأبواب مفتوحة لمقدمي خدمات التوصيل للدخول في مجالات تجارية جديدة بين الشركات والمستهلكين، مثل توصيل الأطعمة الجاهزة، على سبيل المثال، في قطاعي توصيل المطاعم والبقالة شهد عام 2020 موجة كثيفة في ظهور شركات التوصيل الحديثة والتوحيد بين مزودي خدمات التوصيل عبر الإنترنت.
مع وجود العديد من الخيارات المتاحة لتوصيل المنتجات التي كان على المستهلكين في السابق إحضارها بأنفسهم عند الطلب، فمن غير المعقول أن تختفي خدمات التوصيل الخاصة بقطاع معين عندما ينحسر الوباء.
خدمات التوصيل والوضع الطبيعي للبيع بالتجزئة بعد فيروس كورونا
أظهر لنا التاريخ أنه في أوقات الاضطرابات مثل الصراع العسكري (في هذه الحالة الصراع الطبي) تزداد الحلول المبتكرة بشكل مذهل، يؤدّي هذا تطورات تكنولوجية كبيرة، والعالم لم يعد كما كان قبل أيّ من تلك النزاعات.
هذا الميل إلى التحول يبشّر بالخير لخدمات التوصيل المُحدثة والتي أصبحت طبيعيّة الآن بالنسبة للمجتمع العالمي واعتبرها البعض شريان حياة وليس مجرد وسيلة راحة.
ستنحسر موجة فيروس كورونا في النهاية، بغض النظر عن الوقت الذي سيتطلّبه ذلك، فإن سهولة التوصيل التي اعتاد عليها العملاء في جلب منتجاتهم عند الطلب ستكون السبب في تغيّر كل شيء في المستقبل، ففي الأفق يمكن أن نرى مستقبلاً يصبح توصيل الطرود فيه هو الخيار الأول بدلاً من أي خيار بديل.
في حين أن العديد من قطاعات الأعمال والصناعة عانت بشدة في قبضة الوباء، فإن قطاع خدمات التوصيل هو واحد من القلائل الذين يخالفون هذه القاعدة ويتمتّعون بانتشارٍ عالمي، هذا جانب إيجابي بالنسبة للخدمات اللوجستية على الأقل عندما نرى السحابة المظلمة التي يلقيها فيروس كورونا على عالمٍ لم يكن مستعد.