الخدمات اللوجستية المستدامة في قطاع التجارة الإلكترونية حان الوقت للتحول نحو الحلول المستدامة
أدت أزمة كوفيد-19 إلى إقبال كبير على التسوق من خلال الإنترنت، مما وفر مكاسب غير متوقعة لشركات التجارة الإلكترونية، ولكنه أثار أيضاً تساؤلات حول آثاره على البيئة.
فقد أصبحت شوارع المدن الكبرى مليئة بأعداد كبيرة من الدراجات المركبات لتقديم خدمات التوصيل عند الطلب وخدمات التوصيل في نفس اليوم إضافة إلى عمليات استرجاع المنتجات، وأصبحت شركات التوصيل إلى الوجهة النهائية المصدر الأكبر لتلوث البيئة ضمن سلسلة إمداد التجارة الإلكترونية، مما دفع شركات التجارة الإلكترونية الكبرى إلى مضاعفة جهودها لزيادة استدامة القطاع من خلال البحث عن حلول مبتكرة.
الخدمات اللوجستية الصديقة للبيئة
تشير مجموعة الأبحاث ستاتيستا، إلى أن المستهلكين أجروا على مستوى العالم أكثر من ملياري عملية شراء عبر الإنترنت في عام 2021، مما رفع من مستوى انبعاثات الكربون.
ويمثل اعتماد سياسات تقلل من مستويات انبعاثات ثاني أكسيد الكربون نهجاً منطقياً من الناحيتين البيئية والتجارية، نظراً لإقبال المستهلكين على الشركات التي تقدم خدمات لوجستية صديقة للبيئة.
ويكمن التحدي في السعي لتحقيق تجارة إلكترونية مستدامة بالتوازي مع تلبية احتياجات المستهلكين. وهناك بعض الطرق لتحقيق ذلك:
1. التحول نحو المركبات والدراجات الكهربائية لتقديم خدمات التوصيل
تقوم العديد من شركات التجارة الإلكترونية الكبرى وشركات التوصيل بتزويد أساطيلها بمركبات كهربائية أو منخفضة الانبعاثات.
فعلى سبيل المثال، أعلنت أمازون عن عزمها شراء 100 ألف مركبة توصيل كهربائية وتعهدت بأن تكون نصف عمليات التوصيل لديها محايدة كربونياً بحلول عام 2030.
وتتوجه شركات توصيل الطعام بصورة متزايدة نحو تزويد فرق التوصيل لديها بالدراجات الهوائية بدلاً من الدراجات والمركبات الملوِّثة للهواء.
2. الاستثمار في التكنولوجيا
يكمن مستقبل قطاع التوصيل إلى الوجهة النهائية في الطائرات بدون طيار ومركبات التوصيل ذاتية القيادة، ويمكن لشركات التوصيل حتى ذلك الوقت الاستعانة بتقنيات الذكاء الاصطناعي للتزود بمعلومات حول أكثر الطرق كفاءة في استهلاك الوقود.
وفيما يتعلق بالتخزين، يمكن لنظام التخزين والاسترجاع الآلي أن يقلل بشكل كبير من المساحة المطلوبة للتخزين.
كما يمكن استخدامه بدلاً عن معدات المناولة التي تعمل بالوقود الأحفوري. ويتميز هذا النظام بقدرته على العمل في الظلام، مما يوفر الكهرباء ويقلل من انبعاثات الكربون.
3. تقليل مسافات الشحن
بدأ عدد متزايد من شركات التجارة الإلكترونية بإنشاء ونشر سلاسل من مراكز التوزيع الصغيرة ضمن المراكز الحضرية لتقليل مسافات الشحن، بدلاً من وضع كامل مخزونها في مستودع مركزي واحد.
وتوفر هذه المراكز الصغيرة إمكانية تسليم الطلبات بشكل أسرع لمسافات أقصر، مما يؤدي إلى تقليل التلوث.
ويمكن أن يؤدي شراء المنتجات المحلية بدلاً من المشحونة عبر مسافات كبيرة إلى خفض التكاليف بشكل كبير وتقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وتعزيز مزايا الاستدامة لدى المستهلك.
4. استخدام مواد صديقة للبيئة في التغليف
أظهرت العديد من الدراسات أن المستهلكين يميلون إلى دعم شركات التجزئة التي تقلل من استخدام العبوات البلاستيكية لصالح المواد القابلة للتحلل البيولوجي أو العضوي أو القابلة لإعادة التدوير. وتُسارع الشركات المزودة لمواد التعبئة والتغليف إلى إيجاد حلول أكثر مراعاة للبيئة بدلاً من المواد التقليدية، حيث تقدم مواد قابلة للتحلل لحفظ المنتجات كبدائل قطع الفوم القابلة للذوبان والتحلل المصنوعة من نشا الذرة، أو عبوات التغليف الصديقة للبيئة المصنوعة من المخلفات الزراعية والفطريات، أو مواد التغليف المعاد تدويرها، وكذلك، المغلفات البريدية والأشرطة وبطاقات البيانات اللاصقة المصنوعة من النباتات.
التحول نحو الحلول المستدامة سهل للغاية
تساعد الخطوات السابقة، مع مرور الوقت وبتخصيص استثمار كبير، الشركات على الوصول إلى خدمات توصيل صديقة للبيئة. ولكن هناك إجراءات أخرى يمكن لشركات القطاع تطبيقها حالياً وبدون تكلفة كبيرة لتعزيز الاستدامة في عملياتها.
1. تشديد سياسة إعادة المنتجات
ارتفع عدد عمليات الشراء عبر الإنترنت، وزاد معها حجم عمليات إعادة المنتجات بشكل كبير، مما أدى إلى إهدار موارد النقل والتغليف وغيرها.
وأظهرتدراسة مثيرة للقلق أن عمليات إعادة المنتجات في الولايات المتحدة وحدها تسفر عن 15 مليون طناً من الكربون سنوياً، ما يعادل انبعاثات ثلاثة ملايين سيارة. وتسمح سياسات إعادة المنتجات المتسامحة للمتسوقين بطلب أحجام أو ألوان متعددة من المنتج لأنهم يعلمون أن بإمكانهم بسهولة إعادة ما لا يعجبهم أو ما لا يناسبهم.
ويُعد وجود مرونة في سياسة إعادة المنتجات أمراً مهماً للبيع عن طريق الإنترنت، إلا أن هناك طرقاً للتخفيف من الهدر، حيث يمكن للشركات على سبيل المثال اتباع ما يلي:
- تحديد عدد خيارات الحجم والألوان المتاحة
- فرض رسوم رمزية إذا أصبح تغليف المنتج المرتجع الغير صالح للاستعمال
- تقليل الفترة التي يُسمح فيها للعملاء بإعادة المشتريات.
2. التشجيع على إعادة التدوير
يساهم توفير الفرص للعملاء لتسليم منتجاتهم المستعملة لإعادة التدوير في تخفيف الضغط على مكبات النفايات. كما يشجع تسهيل خدمات إصلاح البضائع التالفة العملاء على إصلاح سلعهم بدلاً من شراء سلع جديدة. ويسهم هذان الإجراءان في استقطاب مزيد من العملاء، فضلاً عن آثارهما الإيجابية على البيئة.
3. مشاركة العملاء في جهود الحفاظ على البيئة
يمكن للشركات استخدام قنواتها على مواقع التواصل الاجتماعي لتشجيع عملائها على اعتماد ممارسات صديقة للبيئة. فعلى سبيل المثال، عند طلب العميل خدمة خدمة توصيل في نفس اليوم، يمكن للشركات لفت انتباهه إلى كمية ثاني أكسيد الكربون الإضافية الناجمة عن رحلة واحدة لإيصال منتج وحيد.
ويمكن للشركات أن تضيف السؤال التالي إلى تلك المعلومات:
"هل أنت حقاً بحاجة إلى هذا المنتج بشكل عاجل بحيث لا يمكنك انتظار خيار تسليم أكثر مراعاةً للبيئة غداً؟"
وفي ضوء الاهتمام الكبير بدعوات إنقاذ الكوكب، ستلقى مثل تلك الحملة أصداءً إيجابية من العملاء، وستدفعهم إلى تعريف محيطهم بالخدمات اللوجستية الصديقة للبيئة التي تقدمها الشركة.
الخدمات اللوجستية الصديقة للبيئة ترضي الجميع
يجب على الشركات التركيز على حماية الكوكب أكثر من اهتمامها في تحسين جوانب الراحة والسهولة للعملاء، بغض النظر عن المنهجية السائدة في عالم الاستهلاك والتجارة بتقديم الخدمات عند الطلب.
إن واجب العناية بالبيئة يقع على عاتقنا جميعاً، وهناك طرق عديدة لتحقيق ذلك مع الاستمرار في تحقيق أهدافنا في دفع عجلة نمو الشركة.
وتعتبر عملية تنفيذ الطلبات في قطاع التجارة الإلكترونية وسيلة مثالية لتطبيق مفهوم المسؤولية الاجتماعية للشركات. ويمكن من خلال اعتماد الحلول الصديقة للبيئة في هذا القطاع إرضاء جميع الأطراف، سواء الشركات أو المستهلكين أو الكوكب.