تحسين العمليات اللوجستية: أفضل الممارسات في سلسلة إمداد قطاع التجزئة
يمثّل التعامل مع العناصر المختلفة لسلسلة الإمداد ومتابعة حركتها أحد أبرز التحديات التي تواجه عمليات البيع بالتجزئة وتحدد نجاحها. ورغم الطبيعة المعقدة والشائكة لعمليات سلاسل الإمداد تُدرك شركات التجزئة الناجحة أن اتباع أفضل الممارسات في سلسلة الإمداد يمكن أن يجسّد الفارق بين النجاح والفشل، وأنه من واجب مدراء التجزئة الإلمام بمختلف عمليات سلسلة الإمداد بهدف تحقيق الاستفادة القصوى من المزايا التي توفرها العمليات اللوجستية المنظّمة.
وتُعرَّف سلسة الإمداد على أنها شبكة الموردين والموزعين الخاصة بالشركة، وهي العامل الذي يتيح لتجار التجزئة إمكانية بيع المنتجات. ويمكن لشركات التجزئة الوصول إلى عمليات سلسة وتحقيق مكاسب عالية من خلال ضمان عمل سلسلة الإمداد بالصورة المطلوبة، بما يشمل التوصيل في الوقت المحدد والحفاظ على مستويات مناسبة من المخزون والحد من الأخطاء وتقليل التكاليف. وبالمقابل، تتأثر الأرباح الإجمالية لشركات التجزئة سلباً بفعل الاضطرابات في إدارة سلسلة الإمداد وتأثير تلك الإضطرابات على العمليات اللوجستية.
ويمكن رغم ذلك إنجاز مهام إدارة سلسلة الإمداد بطريقة أبسط وخالية من المتاعب، إذ تقدّم الحلول اللوجستية الخاصة بسلسلة إمداد قطاع التجزئة خياراً مثالياً لتوفير التكاليف وتفادي الأخطاء وضمان سير العمليات بسلاسة.
ويتيح تحسين سلسلة الإمداد والإدارة الجيدة للعمليات اللوجستية تلبية الاحتياجات القائمة للشركة وإعدادها لمسار النمو المستدام في المستقبل. ونستعرض في هذه التدوينة بعضاً من أفضل ممارسات الإدارة الفعالة لسلسلة الإمداد في قطاع التجزئة، والتي تضمن تجاوز تعقيدات العمليات وإدارتها بالصورة الأمثل.
أهمية كفاءة سلسلة الإمداد في قطاع التجزئة
يسود الاعتقاد بأن كفاءة سلسلة الإمداد تعني زيادة سرعة العمليات، إلا أن سرعة العمليات لا تعني بالضرورة سيرها بالشكل المطلوب. وتضمن الإدارة الفعالة لسلسلة الإمداد بهذا الإطار تزويد الشركات بالمخزون المطلوب في الوقت المناسب، مع تفادي المشكلات اللوجستية وعقبات التواصل والأخطاء التي قد يرتكبها الموردون.
ويتيح تعزيز كفاءة سلسلة الإمداد تحسين إدارة الوقت والقوى العاملة والموارد من خلال الحد من الهدر وتبديد الموارد. ويفيد اعتماد استراتيجية تهدف إلى تحسين سلسلة الإمداد في ضمان عدم الدفع مقابل الخدمات المتكررة أو الشاحنات ذات الحمولة غير المكتملة أو مقابل المواد الخام المهدورة. وبالتالي فإن كفاءة سلسلة الإمداد تعني إدارة السلسلة بإحكام.
ولا تقتصر فوائد الكفاءة على إزالة العقبات وتسهيل العمليات، بل تسهم أيضاً في تعزيز رضا العملاء نتيجة للعوامل التالية:
الكفاءة
تركّز كفاءة سلسلة الإمداد على تحسين جميع مكوّنات السلسلة، بما يشمل الإنتاج والتوزيع وإدارة المخزون وعمليات البيع بالتجزئة، وتقتضي التخلص من التكاليف والعمليات غير الضرورية عند الإمكان، لضمان خفض التكاليف ورفع مستوى الموثوقية ووضع الشركة على مسار النمو المستقبلي.
ويتمثّل العامل الأساسي لتعزيز كفاءة العمليات اللوجستية الخاصة بسلسلة الإمداد في خفض التكاليف، والتي تعتمد على تكاليف اليد العاملة والموارد المستخدمة ضمن كل مرحلة من مراحل سلسلة الإمداد. وبالتالي فإن تحسين النفقات وتفادي تكاليف الأخطاء والهدر وتبديد الموارد يؤدي إلى زيادة هامش أرباح عمليات التجزئة. كما يفيد استخدام الموارد بكفاءة وفعالية من حيث التكلفة في المحافظة على استدامة سلسلة الإمداد، نظراً لأن تحسين استخدام المواد الخام يؤدي إلى توفير النفقات والحد من الأثر البيئي للشركات.
وتسهم استراتيجية تعزيز كفاءة سلسلة الإمداد في منح الشركات أفضلية تنافسية من خلال تحسين موثوقيتها ورفع مستويات رضا العملاء. وتستند غالبية سلاسل الإمداد الفعالة إلى عمليات لوجستية قادرة على الاستمرار الذاتي وبالصورة المطلوبة، دون حاجة كبيرة إلى التدخل الإداري أو إجراء التصحيحات. وتقود العمليات السريعة والدقيقة إلى تعزيز رضا العملاء، وبالتالي تنعكس إيجاباً على الأرباح الإجمالية للشركات. وأشارت شركة لاوسون بهذا الإطار إلى أن العملاء الراضين عن "طلباتهم المثالية" يحققون للشركات زيادة في الإيرادات بنسبة 1%، وهو ما ينعكس بارتفاع مكاسب الأسهم.
ويُضاف إلى هذه المزايا أن كفاءة سلسلة الإمداد تمنح الشركات مجالاً للنمو، نظراً لأن ضمان سير العمليات وتوفير المنتجات المطلوبة يمنح الشركات الوقت الكافي لتوقّع سلوكيات العملاء وتخطيط الطلب واستكشاف الابتكارات التكنولوجية الجديدة. وبالتالي فإن اعتماد أفضل الممارسات والحلول اللوجستية الموثوقة في إدارة سلسلة الإمداد يضمن للشركات النجاح والنمو مع الوقت.
عمليات سلسلة الإمداد
تحتاج الشركات إلى عمليات لوجستية متقدمة ضمن مختلف مراحل العمليات لتكون قادرة على تحقيق كفاءة سلسلة الإمداد. وإليكم بعض السبل الرئيسية التي تساعد في تطبيق استراتيجية متكاملة لكفاءة سلسلة الإمداد.
ويلعب الإنتاج دوراً كبيراً في نجاح المبيعات، على الرغم من كونه المرحلة الأبعد عنها. لذا من الضروري معرفة المنتجين بشكل جيد واستيعاب جميع مراحل عملياتهم بهدف تعزيز كفاءتها. ويُنصح في هذا الإطار بالتعاون من المنتِجين لتطوير الخدمات اللوجستية العكسية، وهي العملية التي يتم خلالها جمع المنتجات غير المستخدمة أو المتضررة أو المستهلَكة، وإعادتها إلى المنتِج بحيث يمكن استخدامها كمواد خام لتصنيع منتجات جديدة بتكلفة أقل.
ومن ناحية أخرى، يتطلب التوزيع الفعّال مهارات إدارية عالية وتخطيطاً لوجستياً دقيقاً. ويمكن للشركات أن تتكبد خسائر كبيرة في الأموال والوقت والوقود نتيجة عدم كفاءة عمليات التوزيع، بما فيها عدم امتلاء الشاحنات والإسراف في تغليف المنتجات واتباع مسارات شحن معقّدة. وهنا يأتي دور الإدارة الجيدة لسلسلة الإمداد في رصد حركة المنتجات وتوقيتها بهدف إعداد الخطط اللازمة لتحسين التوزيع، مما دفع بعض الشركات الكبرى لدمج التوزيع ضمن عمليات التجزئة الإجمالية بغرض تعزيز مزايا الرصد هذه.
وأخيراً، تمثّل الإدارة الفعّالة للمخزون عاملاً هاماً في تحسين عمليات سلسلة الإمداد في قطاع التجزئة. ويمكنكم الاطلاع على أفضل ممارسات الإدارة الفعالة للمخزون، بما فيها تخطيط الطلب واعتماد التكنولوجيا، في فقرة لاحقة من هذه التدوينة.
الإدارة لتحقيق كفاءة سلسلة الإمداد
لا يمكن تحقيق كفاءة سلاسل الإمداد في قطاع التجزئة دون إدارة السلسلة وفق أعلى المستويات. وتفرض أفضل الممارسات على شركات التجزئة لعب دور فعّال في الإشراف على سلسلة الإمداد وتنسيق وإدارة عملياتها.
ويساهم عمل مدراء سلسلة الإمداد على إرساء علاقات جيدة مع جميع الموردين والموزعين ضمن شبكتهم في تحقيق فوائد تنعكس إيجابياً على مختلف عمليات السلسلة. كما أن وجود شبكة موثوقة توفر منفعة متبادلة لمختلف الشركاء ضمن سلسلة الإمداد يسهّل إدارة العمليات اللوجستية، ويساعد في بناء علاقات مهنية راسخة تجمع بين أطراف سلسلة الإمداد على إصلاح الأخطاء والتخطيط للنمو وإدارة المخزون بسهولة.
التوظيف المناسب في سلسلة الإمداد
لا يمكن حتى لأفضل سلاسل الإمداد تنظيماً أن تعمل بالصورة المطلوبة دون وجود عاملين موهوبين ومتفانين في عملهم، ولحسن الحظ، يتم تنظيم سلسلة الإمداد بالتوازي مع عمليات التخطيط الخاصة بالقوى العاملة ضمنها. ويساعد دعم المواهب العاملة ضمن سلسلة الإمداد في تخطيط العمليات اللوجستية وإدارتها بصورة أكثر كفاءة.
وتنقسم مسؤوليات التوظيف التي تواجه مدراء التجزئة إلى فئتين، تضم الأولى الموظفين العاملين في متاجر التجزئة، وتشمل الثانية موظفي العمليات الخلفية ضمن سلسلة الإمداد. وينطبق بعض مبادئ إدارة سلسلة الإمداد الرئيسية على الفئتين، ولكن يبقى من الضروري اعتماد أفضل الممارسات الخاصة بكل فئة على حدة.
كيفية إدارة التوظيف في متاجر التجزئة
يمثّل توقع احتياجات العملاء والالتزام برؤية مؤسسية قوية العامِلَين الأكثر أهمية لضمان الإدارة الفعالة للتوظيف في عمليات التجزئة، وتُجسد فرق العمل المُوحّدة والفعّالة وعالية التدريب أحد عوامل النجاح الرئيسية في هذا المجال.
وتقتضي أفضل الممارسات الاستفادة من تحليلات بيانات العملاء وتوقّعات الطلب، بهدف بناء خطة توظيف قائمة على البيانات وتركّز على المستهلكين. وإليكم بعض الخطوات الضرورية لبناء خطة توظيف مثالية في متاجر التجزئة:
إنشاء سجل تفصيلي يبين الأوقات والأيام والمواسم التي تشهد معدلات المبيعات الأعلى ضمن متاجركم. وتتناسب فعالية خطة التوظيف في هذه الحالة طردياً مع مدى تفصيل بيانات العملاء لديكم.
التوافق بين جدول العمل ومواعيد ذروة المبيعات وطلبات العملاء.
التحقق من مستويات المخزون لضمان توافر الحد الأكبر من المنتجات خلال فترات الطلب الأعلى.
تقييم كفاءة خطة التوظيف لتنسجم مع أفضل الممارسات في عمليات التجزئة، والتي تضمن توافر عدد كافٍ الموظفين في الوقت اللازم لتلبية طلبات البيع، مع الحرص على عدم تواجد فائض من الموظفين يزيد عن العدد المطلوب. ويقدّم التحقق من نسبة دفعات الرواتب إلى أرباح المبيعات نظرة مفيدة بهذا الإطار.
تعديل خطة التوظيف القائمة بناءً على البيانات الجديدة، ومواصلة الاستفادة من تقييمات البيانات الجديدة لإجراء التعديلات المطلوبة.
ويضمن تطبيق هذه الخطوات توفير تجربة عملاء إيجابية من خلال إلغاء أوقات الانتظار وتجاوز مشكلات نفاد المخزون، مما يساهم في تحسين تجربة العملاء وتقليص مدفوعات الموظفين، وبالتالي، زيادة الأرباح.
كما يتوجب على موظفي متاجر التجزئة، بوصفهم واجهة الشركة التجارية وممثليها، الالتزام برؤية الشركة خلال جميع مهامهم. ويتولى مدراء العمليات الميدانيون المحافظة على الروح المعنوية للموظفين، وتزويدهم بالتدريب اللازم الذي يضفي طابعاً موحداً على كيفية التعامل مع العملاء. ويوصي مدراء سلاسل الإمداد بإشراك الموظفين ضمن العمليات الميدانية الأعلى مستوىً بهدف تعزيز شعورهم بالمسؤولية تجاه رؤية الشركة.
التوظيف في عمليات سلسلة الإمداد
تفرض العمليات اللوجستية في سلسلة الإمداد صعوبات في اختيار الموظفين من خارج الشركة. ويتعين على مدراء سلسلة الإمداد التعامل مع مجموعة من الموردين والمنتجين والموزعين، والعمل في الوقت ذاته على توفير الموظفين اللازمين ضمن مختلف العمليات على امتداد السلسلة، وهي عملية يمكن تبسيطها من خلال الالتزام بأفضل الممارسات في مجالات البحث عن المواهب وتوظيفها وإدارتها في سلسلة الإمداد.
ويجسّد مدراء العمليات الموثوقين والمتمكنين المصدر الأساسي للرقابة بالنسبة لعمليات التوظيف في سلسلة الإمداد، حيث يتولى كل منهم مسؤولية قسم مُحدد من السلسلة. ولا يُلم المدراء عادةً بالمعلومات الكاملة المتعلقة بجميع الموردين والموزعين ومدراء المخزون، لكن يمكن بالمقابل تحقيق التعاون بين مدراء العمليات من الفرق الإدارية المتوسطة بهدف تنسيق العمليات اللوجستية بين أجزاء سلسلة الإمداد المختلفة وضمان توافق سير العمليات.
ويمثّل الإمداد الاستراتيجي طريقة فعالة لإدارة عمليات التوظيف في سلسلة الإمداد كونه يعتمد على اختيار الموردين بناءً على قدرتهم على تلبية معايير الشركة لممارسات الأعمال الفعالة أو تجاوزها، حيث تضمن الشركة من خلال التزام عمليات الموردين بالمعايير العالية توظيف الأشخاص المناسبين.
وعادة ما يتم استقدام المواهب في سلسلة الإمداد من خارج عمليات البيع بالتجزئة، لذا يُنصح بالحصول على معلومات وافية حول الموردين وغيرهم من الشركاء على امتداد سلسلة الإمداد. وتوازياً مع حركة التنويع والتأقلم التي يبديها القطاع مع المتغيرات الجديدة، يتوجب على شركات التجزئة الاستعانة بالخبرات اللازمة لمواكبة التطورات في مجالات تجارب البيع واحتياجات سلسلة الإمداد. ويمكن إشراك مدراء سلسلة الإمداد في الشركات ضمن هذه الجهود للمساعدة في تحقيق التأقلم السلس مع تغيرات القطاع.
تحقيق الريادة في قطاع التجزئة
يتوجب على مدراء سلسلة الإمداد في المقام الأول استيعاب أهمية حُسن إدارة وتشغيل عمليات السلسلة في نجاح أعمال شركات التجزئة. وبالتالي، يمكن لتلك الشركات تحقيق الريادة في مجال المبيعات من خلال الاستثمار لتأسيس علاقات الأعمال ذات المنفعة المتبادلة، بالإضافة إلى جهود التخطيط المبتكر لسلسلة الإمداد.
ولا شك أن إرساء علاقات راسخة على امتداد شركات سلسلة الإمداد يجسّد الأداة الأفضل لمدراء سلاسل الإمداد في تعزيز موثوقية سلسلة الإمداد الخاصة بالشركة، إلى جانب إفساح مجال النمو المشترك للشركة وشبكتها من الموردين والموزعين. كما تحظى الشركات بأفضلية تنافسية ملموسة بفضل موظفيها الموهوبين الذين يدركون تماماً قيمتهم بالنسبة لشركاتهم.
ويتعين على مدراء سلاسل الإمداد التحلي بعقلية تتطلع إلى المستقبل، إذ لا يقتصر نجاح الشركة على توفير المنتجات للعملاء، بل يقتضي أيضاً نموها مع نمو الأسواق وتحقيق المزيد من النجاحات. كما يجب عليهم دائماً أن يكونوا على دراية حول أحدث الابتكارات التكنولوجية وأبحاث المبيعات الجديدة وأفضل الممارسات، إضافة إلى جهود التكيف التي يتعين على الشركات بذلها للتأقلم مع المتغيرات. وتجسّد هذه الناحية الفائدة الأهم للممارسات المبتكرة مثل الإمداد الاستراتيجي وتوقّع الطلب وإدارة سلسلة الإمداد التي تركّز على المرونة، كونها توفّر عمليات تجزئة قادرة على التأقلم مع مختلف الظروف المستقبلية.
وتشتمل إدارة سلسلة الإمداد على أربعة مجالات رئيسية يتوجب على مدراء السلسلة الناجحين في قطاع التجزئة الاهتمام بها. ويركز المجال الأول على ضمان كفاءة سلسلة الإمداد من خلال الحرص استخدام القوى العاملة وتوظيف الأرباح وفق أفضل الإمكانات، ويستند المجال الثاني إلى إدارة التوظيف بفعالية بهدف إنجاز عمليات المبيعات والإمداد والتوزيع بالصورة المطلوبة. أما المجال الثالث فيشمل الإدارة المُحسَّنة للمخزون بغرض ضمان سهولة التعامل مع النفقات الرأسمالية وتلبية احتياجات المستهلكين. وأخيراً، يركّز المجال الرابع على التأثير البيئي لمختلف العمليات على امتداد سلسلة الإمداد، بما يضمن عمل سلسلة الإمداد بصورة مستدامة وملائمة للشركات.
إدارة المخزون ضمن سلسلة الإمداد في قطاع التجزئة
تجسد إدارة المخزون الخطوة الأخيرة من سلسلة الإمداد. ويتعين على شركات التجزئة امتلاك نظرة واضحة حول كمية المنتجات المتوافرة للبيع، سواء عند إدارة المخزون في المتاجر التقليدية أو إدارة مستودعات التوزيع الخاصة بالتسوق الإلكتروني. ونقدم لكم بعضاً من أفضل الممارسات التي تساعد في إدارة المخزون بما يحقق مزيداً من الأرباح ويعزز رضا العملاء.
أهمية إدارة المخزون
تشكل الإدارة الناجحة للمخزون عاملاً لا غنى عنه بالنسبة لرضا العملاء. وأشارت منصة ريتيل واير إلى أن الشركات حول العالم تتكبد خسائر بقيمة 984 مليار دولار أمريكي سنوياً نتيجة توقف العملاء عن البحث عند معرفتهم أن المنتج الذي يرغبون بشرائه نفد من مخزون الشركة، لذا يتوجب على شركات التجزئة إيجاد توازن دقيق وصارم بين مستويات طلب العملاء وعمليات سلسلة الإمداد بهدف تحقيق الأرباح وضمان ولاء العملاء.
ويتيح إنجاز العمليات بفعالية على امتداد سلسلة الإمداد المجال لمدراء التجزئة للاستفادة من عمليات إدارة سلسلة الإمداد بهدف تحسين عمليات التحكم بالمخزون. وتساعد سلاسل الإمداد القابلة للتكيف بسهولة مع مستويات الطلب، وبخاصة تقلبات الطلب بين مواسم المبيعات، في توفير النفقات، من خلال ضمان عدم شراء كميات إضافية من المنتجات أو خسارة فرص البيع الناتجة عن عدم توافر منتجات كافية.
وتمثّل إدارة المخزون عنصراً هاماً في تخطيط سلسلة الإمداد، نظراً لأن الهدف النهائي من تحسين سلسلة الإمداد هو الوصول إلى التوازن المثالي بين مستويات المخزون وطلب العملاء. كما تضمن كفاءة سلسلة الإمداد عدم هدر أي من المواد الأولية أو المنتجات القابلة للبيع. ويمكن لشركات التجزئة تعزيز أرباحها وتقليل مستويات الهدر في متاجرها من خلال الالتزام بأفضل الممارسات في مجال مراقبة المخزون وإدارته.
مراقبة مستويات مخزون التجزئة
تستند أفضل الممارسات الحديثة في مجال مراقبة المخزون إلى تكنولوجيا الأعمال المتقدمة، إذ تساعد التكنولوجيا الجديدة على تحسين مختلف عمليات سلسلة الإمداد، فيما تلعب تطبيقات تكنولوجيا المعلومات دوراً هاماً في إدارة المخزون.
وتُعتبر تحليلات البيانات، بما يشمل تخطيط الطلب وتوقع توجهات العملاء، المكوّن الأهم بالنسبة لعمليات إدارة المخزون المبتكرة، إذ من الضروري أن تلم الشركات بتفاصيل أداء المبيعات الخاص بكل منتج لتكون قادرة على تهيئة المخزون بالشكل الأمثل. كما تتيح بيانات العملاء للشركات تحسين عمليات المخزون من خلال تعزيز توافر المخزون، والذي يمثّل نسبة المنتجات المتوافرة للبيع مباشرة. ويفيد انسجام توافر المخزون مع توجهات التسوق في زيادة المبيعات وتعزيز رضا العملاء.
وتسهم حلول تكنولوجيا المعلومات في إحداث نقلة نوعية في أنظمة إدارة المخزون ضمن متاجر التجزئة والمستودعات على حد سواء. وأفادت شركة آي تي كرافت بأن تكنولوجيا سلسلة الإمداد، بما يشمل إدارة المخزون المؤتمتة، تتميز بالقدرة على تحسين عمليات المخزون من خلال توفير 99% من منتجات المخزون للبيع وتخفيض النفقات بنسبة تقارب 30%. وتمنح أنظمة إدارة المخزون المؤتمتة والرقمية أفضلية تنافسية كبيرة لشركات التجزئة المتقدمة، بالمقارنة مع أنظمة المخزون التقليدية القائمة على المعاملات الورقية.
تكاليف المخزون في قطاع التجزئة
يمكن حساب تكاليف المخزون من خلال نسبة التكاليف التي تدفعها الشركات إلى سعر مبيع أي من منتجاتها. ومن الضروري أن يستند نظام إدارة المخزون إلى نظرة شاملة حول تكاليف المخزون لضمان سير عمليات التجزئة بصورة فعالة من حيث التكلفة.
ويمكن تحسين تكاليف المستودع من خلال تقليص النفقات، إما بالحد من تكلفة التخزين باستخدام أنظمة المستودعات المتقدمة التي ذكرناها سابقاً، أو حرص مدراء المخزون على عدم شراء كميات إضافية من المنتجات التي لن يتمكنوا من بيعها. كما تساعد كفاءة سلسلة الإمداد وأنظمة إدارة المخزون شركات التجزئة على الحد من التكاليف التشغيلية وتعزيز الأرباح.
اعتبارات الاستدامة ضمن سلسلة توريد قطاع التجزئة
تمثّل قدرة سلسلة الإمداد على التأقلم مع تغيرات السوق إحدى أهم العلامات التي تعكس سير العمليات بالشكل المطلوب. ويجسّد نجاح الشركات في تلبية معايير الاستدامة والأثر البيئي الدليل الأكبر على قدرتها على مواجهة التحديات المستقبلية. وتبرز الآن وأكثر من أي وقت مضى أهمية تلبية معايير الاستدامة من خلال العمل مع المدراء المعتمدين لسلاسل الإمداد المستدامة، بهدف ضمان تلبية احتياجات الشركات المستقبلية وتطبيق أفضل الممارسات في عمليات التجزئة القائمة.
ويشمل المفهوم الأوسع للاستدامة قدرة الشركات على العمل بالحد الأدنى من التأثيرات البيئية السلبية. ويصعب عادةً تحقيق الاستدامة حتى في المهام الإدارية البسيطة، وبالتالي فإن عدم تنظيم شبكات الإمداد الفرعية التي تتألف منها سلسلة الإمداد الرئيسية سيفرض على الشركات مزيداً من الصعوبات في تحقيق أهداف الاستدامة. ورغم هذه الطبيعة المعقدة، ينعكس تحقيق كفاءة سلسلة الإمداد وتحسينها إيجاباً على قدرة الشركات على إعداد استراتيجية قوية للاستدامة وإدارتها بالشكل المطلوب.
استدامة سلسلة الإمداد
يتولى مدراء التجزئة أو العمليات إدارة جميع عمليات سلسلة الإمداد، حيث يتعين عليهم ضمان التزام جميع الشركاء على امتداد السلسلة بأفضل الممارسات المستدامة والأخلاقية. وتضمن إدارة سلاسل الإمداد المستدامة عمل مختلف أجزاء السلسلة بصورة مستدامة من خلال مراقبة عمليات جميع الموردين والموزعين والشركاء الآخرين.
وتوفّر الاستدامة طيفاً واسعاً من الفرص المجزية للشركات، إذ أشارت دراسة نشرتها المجلة العالمية للإدارة اللوجستية إلى أن الاستدامة البيئية تمثّل العامل الأكثر أهمية في ضمان نجاح الشركات في تحقيق الأهداف المستقبلية. كما سوف يتعين على سلاسل الإمداد العالمية الانتقال إلى عمليات الإمداد الأكثر استدامةً، استجابة لتوجه العديد من الحكومات العالمية نحو طرح تشريعات أكثر صرامة فيما يتعلق بالأثر البيئي. وبالتالي، يتعين على مدراء سلاسل الإمداد الناجحين استباق طرح هذه التشريعات واتخاذ إجراءات الاستدامة اللازمة قبل فرضها.
وتتجه تفضيلات العملاء أيضاً نحو معايير الاستدامة، إذ يدرك العملاء اليوم أكثر من أي وقت مضى المسؤولية الاجتماعية التي يجب على الشركات تحملها، والتي تشمل مسؤولية الشركات تجاه الحد من أثرها البيئي من خلال اتباع الممارسات الأخلاقية في سلسلة الإمداد. وأفادت دراسة صادرة عن كليّة وارتون لإدارة الأعمال بجامعة بنسلفانيا إلى أن تلبية طلبات العملاء الخاصة بالاستدامة والأسعار المعقولة تمثّل الأولوية القصوى لخطط مدراء سلاسل الإمداد. ويتمثّل التحدي الأبرز الذي يواجه جهود إدارة سلسلة الإمداد العالمية في الوصول إلى عمليات تتسم بالكفاءة والاستدامة والفعالية من حيث التكلفة.
إدارة سلاسل الإمداد المستدامة
تتسم أفضل الممارسات في مجال استدامة سلاسل الإمداد بتنوعها وتعقيدها كونها تغطي مختلف أجزاء سلسلة الإمداد. وتقتضي الإدارة الفعالة لسلسلة الإمداد اعتماد الاستدامة كجزء لا يتجزأ من العمليات اللوجستية بمختلف مستوياتها، انطلاقاً من التوظيف وتغليف المنتجات ووصولاً إلى جمع البيانات وغيرها. ونقدّم إليكم فيما يلي بعض الممارسات التي يُنصح بها لإدارة سلاسل الإمداد المستدامة.
يجب بدايةً أن يتحمل مدراء سلسلة الإمداد مسؤولية التزام جميع الموردين بمعايير الاستدامة. ويمكن لشركات التجزئة ومدراء سلاسل الإمداد ضمان التحكم الفعال بالأثر البيئي لمختلف عمليات سلسلة الإمداد من خلال تحديد معايير استدامة صارمة لعمليات الموردين والموزعين وغيرهم من الشركاء. وتشمل ممارسات الاستدامة الأخرى الواجب الالتزام بها ضمان كفاءة استخدام الوقود في مركبات الشحن، وإدارة الهدر وعمليات إعادة التدوير في مراحل الإنتاج، وتوفير موارد الطاقة لمراكز الإنتاج، بالإضافة إلى الإمداد الاستراتيجي للمواد الخام.
كما يتعين على مدراء سلاسل الإمداد اعتماد عقلية ابتكارية وتسخير الاستدامة للاستثمار في نماذج أعمال وتقنيات جديدة بهدف المحافظة على الأفضلية التنافسية. وتمكّن في هذا الإطار عدد من الشركات من تحقيق مكانةٍ ريادية ضمن سلسلة الإمداد العالمية من خلال إطلاق مبادرات استدامة واسعة النطاق مع المحافظة على ربحيتها في الوقت نفسه. ويمكن لشركات التجزئة تحقيق أسبقية تنافسية عالمية وتلبية توجه العملاء المتنامي نحو ممارسات الاستدامة من خلال السعي الدائم للتأقلم والابتكار بهدف رفع سوية الممارسات الأخلاقية في سلسلة الإمداد.
التقنيات المستدامة
تجسّد الابتكارات التكنولوجية الجديدة الحل الأذكى لبدء مواءمة سلسلة الإمداد وتعزيز استدامتها، حيث توفر الحلول اللازمة لتعزيز كفاءة سلسلة الإمداد وفعاليتها من حيث التكلفة وتخفيض آثارها البيئية. ويوفّر الاستثمار المبكّر في التقنيات المستدامة الواعدة للشركات أفضلية تنافسية، ويمنحها موقعاً ريادياً على مستوى ممارسات الاستدامة في سلسلة الإمداد العالمية.
ويمكن تعزيز مستويات الاستدامة بالنسبة للشركات ومورديها مباشرة من خلال اعتماد الأجهزة والآلات الجديدة على امتداد أجزاء سلسلة الإمداد. فعلى سبيل المثال، يمكن للشركات خفض الهدر والحد من الانبعاثات بشكل تلقائي بمجرد تطبيق الابتكارات اللازمة، بما فيها تكنولوجيا المستودعات صديقة البيئة وتكنولوجيا النقل المستدام بالشاحنات، بالإضافة إلى حلول الطاقة النظيفة مثل الطاقة الشمسية، وعمليات الخدمات اللوجستية العكسية الهادفة لإعادة تدوير المنتجات والمواد الأولية. وتفيد هذه الحلول الميدانية في الحد من الأثر البيئي لسلسلة الإمداد دون إحداث أي خلل في العمليات اللوجستية القائمة.
وتتيح ابتكارات البرمجيات وتكنولوجيا المعلومات قدرة أفضل على إدارة سلاسل الإمداد المستدامة، حيث يمكن للأدوات الرقمية، مثل نمذجة انبعاثات الكربون وتقنيات المطابقة الرقمية لعمليات الشحن، أن تساعد مدراء سلاسل الإمداد على وضع الخطط اللازمة لتحديث النواحي اللوجستية التي تجعل من الاستدامة جزءاً لا يتجزأ من عمليات الشركة. وفيما يتولى الموردون مسؤولية إدارة تطبيق ممارسات الاستدامة كلٌّ في مجاله الخاص، تقع على عاتق مدراء سلاسل الإمداد تمكين شركاتهم من تحقيق أهداف الاستدامة الطموحة مثل صافي انبعاثات كربونية صفرية بالاعتماد على التقنيات المبتكرة في مجال تخطيط العمليات اللوجستية.