الخدمات اللوجستية القائمة على المعرفة
لا تتعلق الخدمات اللوجستية بنقل البضائع من مكان لآخر فحسب، بل تنطوي على مجموعة متكاملة من العمليات المترابطة لتعزيز كفاءة سلسلة التوريد وتحديد ملامح نجاحها التشغيلي. لطالما ركزت الخدمات اللوجستية اعتمادها على عوامل الخبرة وحسن التقدير، غير أنّها تستفيد اليوم من إمكانات التكنولوجيا الحديثة من خلال منهجية جديدة وأكثر كفاءة قائمة على المعرفة والبيانات والمعلومات. ونستكشف في هذا المقال أهمية الخدمات اللوجستية القائمة على المعرفة وسبل استخدامها لتحسين سلاسل التوريد، والتحديات التي تنطوي عليها، والمستقبل المشرق الذي ينتظر القطاع.
أهمية المعرفة في عالم الخدمات اللوجستية
تستخدم الخدمات اللوجستية القائمة على المعرفة كميات هائلة من البيانات والمعلومات التي تُجمع على امتداد سلسلة الإمداد لتسليط الضوء على التحليل الدقيق الذي يُمكن استخدامه لتحسين كفاءة وأداء العمليات اللوجستية . كما تعتمد على تقنيات مثل الذكاء الاصطناعي والميكنة والتحليلات المتقدمة وغيرها للكشف عن المعلومات المهمة لعمليات اتخاذ القرار.
وتُستخدم الخدمات اللوجستية القائمة على المعرفة في القطاع على نطاق واسع بهدف تتبع الشحنات والتنبؤ بأنماط الطلب بشكل آني، مما يمهد الطريق لتحسين العمليات والوصول إلى سلاسل توريد سلسة. وبدورها، تعتمد الشركات على البيانات الضخمة في سلاسل التوريد الخاصة بها للحد من التكاليف وتحسين الشفافية.
ويتم استخدام الخدمات اللوجستية القائمة على المعرفة في المجالات التالية:
- تحسين المسار: استخدام البيانات لتحديد أكثر المسارات فعالية لنقل البضائع.
- التنبؤ بالطلب: دراسة البيانات التاريخية وتوجهات السوق للتنبؤ بمستويات الطلب.
- إدارة المستودعات: تُستخدم البيانات لتحسين عمليات المستودعات ويتضمن ذلك إدارة المخزون وعمليات التعبئة والتغليف.
- التتبع اللحظي: يتم استخدام البيانات لتعزيز عملية تتبع الشحنات بشكل آني.
- إدارة المخاطر: تُستخدم البيانات لتحديد المخاطر، مثل التقلبات الجوية والأحداث الجيوسياسية، بما يسمح بالتخطيط لحالات الطوارئ.
وتظهر أهمية البيانات المتزايدة في مجال الخدمات اللوجستية، بفضل دورها في تمكين الشركات من اتخاذ قرارات مدروسة تساعدها على الاستجابة للتحديات وتحسين عملياتها وتحقيق الكفاءة وتقديم أفضل مستويات الدعم للعملاء. وينعكس كل هذا في انخفاض التكاليف التشغيلية وتوفير ميزة تنافسية في قطاعاتها.
ويعتمد قطاع الخدمات اللوجستية على العديد من أنواع البيانات، بما فيها:
- البيانات التشغيلية: وهي المعلومات الخاصة بتتبع الشحنات وأوقات التسليم ومستويات المخزون ووسائط النقل وغيرها.
- بيانات العملاء: وهي المعلومات الخاصة بتفضيلات العملاء وآرائهم وتاريخ الطلبيات وغيرها.
- بيانات السوق: وهي المعلومات الخاصة بتوجهات السوق والأحداث الجيوسياسية والمؤشرات الاقتصادية وغيرها.
- البيانات البيئية: وهي المعلومات الخاصة بالطقس والكوارث الطبيعية وغيرها.
تجمع الشركات كل هذه البيانات بمختلف أنواعها للوصول إلى أفضل مستويات الكفاءة التشغيلية. وبحسب نموذج الأعمال الذي تعتمده والتقنيات المتاحة لديها، هذا وقد تستخدم الشركات أجهزة إنترنت الأشياء وأنظمة تخطيط الموارد المؤسسية وتطبيقات المحمول والتبادل الإلكتروني للبيانات وغيرها الكثير لجمع وحفظ هذه البيانات.
سبل استخدام البيانات من أجل تحسين عملياتكم اللوجستية
تستفيد الشركات من قوة المعرفة القائمة على جمع المعلومات في تحسين عملياتها اللوجستية وتعزيز الفعالية وتحسين الكفاءة من حيث التكلفة. وإلى جانب ذلك، تشمل مزايا الخدمات اللوجستية القائمة على المعرفة ما يلي:
- تعزيز الكفاءة: تستخدم الشركات البيانات لتبسيط العمليات وتحسين مسارات الشحن والحد من مخاطر حالات التأخير، بالإضافة إلى الاستفادة من تحليلات البيانات لتحسين قدرتها على رصد جوانب القصور في العمليات وتحسينها بناء على ذلك.
- التنبؤ بالطلب: يسمح تحليل البيانات التاريخية للشركات بالتنبؤ بالتقلبات في الطلب، مما يساعدها على الحفاظ على مستويات المخزون المثالية والحيلولة دون نفادها.
- تحسين تجربة العميل: تتيح الخدمات اللوجستية القائمة على المعرفة للشركات تزويد عملائها بخدمات تتبع الشحنات وتقدير أوقات التسليم وغيرها، مما يعزز شفافية عملية الشحن ويحسن تجارب العميل.
- تحسين التكاليف: تساعد البيانات الشركات في الحصول على التحليلات الدقيقة حول تكاليف النقل واستهلاك الوقود وكفاءة المستودعات وغيرها، مما يتيح للشركات تحديد الجوانب التي يُمكن الحد من التكاليف فيها.
وتوفر هذه المزايا للشركات إمكانية الاستفادة من البيانات لدعم عملياتها اللوجستية، بدءاً من تحسين المسار وإدارة المستودعات، وصولاً إلى زيادة شفافية سلسلة الإمداد والتنبؤ بالطلب.
ومن ناحية أخرى، يمكن للشركات أن تحقق أكبر قدر من الاستفادة من البيانات من خلال تطوير نظام لجمع البيانات ودمجها وتحليلها وعرضها. ولتحقيق هذه الغاية، يمكن الاستثمار في العديد من الأدوات التقنية، مثل أجهزة إنترنت الأشياء وأنظمة التبادل الإلكتروني للبيانات ومنصات مخطط علاقات الكيان.
ورغم أن اعتماد الخدمات اللوجستية القائمة على المعرفة قد ينطوي على بعض الصعوبات، يجدر النظر في دورها المتمثل بتعزيز المرونة اللوجستية والقدرة على إدارة المخاطر وعملية صناعة القرار الشاملة، بالإضافة إلى المساعدة على اتخاذ قرارات مدروسة حول اختيار مسارات الشحن وإدارة المخزون وتخصيص الموارد وتقييم الأداء.
تحديات الخدمات اللوجستية القائمة على المعرفة
تطرح الخدمات اللوجستية القائمة على المعرفة فرصاً واعدة للشركات لتحسين عملياتها وكفاءتها. ومع ذلك، يقترن هذا ببعض التحديات والاعتبارات التي لا بد من معالجتها بعناية لتحقيق الاستفادة القصوى من هذه الخدمات.
ويشمل ذلك بعض الاعتبارات الأخلاقية المتمثلة بما يلي:
- خصوصية البيانات وأمنها: يجب على الشركات أن تتخذ التدابير الكفيلة بحماية المستهلكين وبيانات الشركة من سوء الاستخدام والاختراقات غير المصرح بها.
- الشفافية والقبول: لا بد أن تحافظ الشركات على الشفافية بخصوص ممارسات جمع البيانات لديها، فضلاً عن الحصول على موافقة المستهلكين قبل استخدام معلوماتهم الخاصة.
- المساءلة والمسؤولية: يجب على الشركات أن ترسم خطوطاً واضحة للمسؤولية في حالات الخطأ أو المشاكل التي قد تطرأ على الأنظمة القائمة على المعرفة.
وتفرض الخدمات اللوجستية القائمة على المعرفة تحديات وقيوداً محددة، نذكر منها:
- جودة البيانات: تعتمد فعالية الخدمات اللوجستية القائمة على المعرفة بشكل كبير على جودة البيانات المستخدمة.
- البنية التحتية التقنية: ينبغي أن تستثمر الشركات في تطوير البنية التحتية التقنية لديها قبل أن تبدأ بتطبيق الحلول اللوجستية القائمة على البيانات.
- التكلفة: قد تتطلب التكلفة الأولية لاعتماد استراتيجية الخدمات اللوجستية القائمة على المعرفة تخصيص استثمارات كبيرة، بحيث تشمل التكاليف المرتبطة بتدريب الموظفين والحصول على التكنولوجيا وإدارة البيانات.
- الامتثال التنظيمي: يجب أن تتوافق الخدمات اللوجستية القائمة على المعرفة مع معايير الامتثال التنظيمي. كما يتعين على الشركات أن تمتثل للوائح التنظيمية حول حماية البيانات والخصوصية، بما فيها النظام الأوروبي العام لحماية البيانات في الاتحاد الأوروبي.
- الاضطرابات: يعتمد القطاع على البيانات بشكل كبير لتحسين العمليات، مما يعزز جاهزية الشركات للتعامل مع الأحداث غير المتوقعة والتي من شأنها أن تعرقل سلاسل الإمداد الخاصة بها وتحد من موثوقية بياناتها.
مستقبل الخدمات اللوجستية القائمة على المعرفة
يمثل اعتماد الخدمات اللوجستية القائمة على المعرفة الخطوة الأولى في رحلة طويلة، علماً أنّ مبادئها وأثرها على القطاع سيواصل التعاظم والتقدم بالتوازي مع ما يشهده العالم من ازدهار مستمر في مجال التطور التقني.
ومن المتوقع أن يزداد اعتماد الخدمات اللوجستية القائمة على المعرفة على التحليل التنبؤي والوصفي والخوارزميات المتقدمة على مدى العقد المقبل، لا سيما فيما يتعلق بتحليل البيانات التاريخية. كما سيزداد الاعتماد على حلول إنترنت الأشياء ودمج المستشعرات للحصول على المزيد من البيانات المتعلقة بالشحنات والبنى التحتية.
وقد تطلق بعض القطاعات استثمارات في المركبات ذاتية القيادة والطائرات المسيرة لاسلكياً لأغراض التوصيل إلى المستخدم النهائي والنقل إلى المستودعات. كما ستشهد إدارة المستودعات اعتماداً متزايداً على الروبوتات القائمة على الذكاء الاصطناعي بهدف تحسين إدارة المخزون وتبسيط عمليات التعبئة والتغليف.
ونتوقع أن تتجه الشركات إلى استخدام الخدمات اللوجستية القائمة على المعرفة كوسيلة لتعزيز الاستدامة في قطاع الخدمات اللوجستية، إذ تتيح البيانات للشركات اعتماد أفضل الممارسات البيئية لرسم ملامح قطاع لوجستي أكثر صداقة للبيئة، وذلك من خلال ما تقدمه من معلومات حول استهلاك الوقود ومسارات النقل والانبعاثات.
لمزيد من المعلومات حول الخدمات اللوجستية القائمة على المعرفة ودورها في تحسين العمليات اللوجستية، يرجى التواصل مع فريقنا من الخبراء اليوم.